السبت، 16 أكتوبر 2010

انا وهم

اليوم هو اول ايامى داخل المعتقل ... المعتقل هو ذلك المكان الواسع المحاط بسور شاهق الارتفاع قد يصل الى ارتفاع ثلاثة ادوار وفوقه سور اخر من السلك لا اعلم حتى الان سبب وجوده ويوجد به ثلاثة انواع من البشر

النوع الاول يرتدى اللون الكحلى ويطلق عليهم المساجين

النوع الثانى يرتدى اللون البيج ويطلق عليهم السجانين

النوع الثالث يرتدى اللون الابيض ولهم اسمان عند المساجين اسمهم بتوع السياسة وعند السجانين اسمهم اعداء الوطن

انا بقى كنت من اعداء الوطن مش عارف ازاى مع انى والله بحب بلدى وباموت فى ترابها بس اعمل ايه النظام عندنا حريص شوية واى حد يقول له لا يبقى عدوه وبما ان النظام والوطن اصدقاء وعدو صديقى يبقى عدوى يبقى انا كده عدو الوطن

المهم اكيد فى ناس بتسال انا مين

مش مهم انا مين

حط الاسم والسن اللى يعجبك مش هاتفرق

قدك او اكبر منك او احتمال فى سنك مفيش مشاكل

مسلم ... مسيحى ... بهائى ... يهودى ... ملحد

مفيش اى مشكله

المهم انى مصرى ودا بالنسبة لى كفاية

زمان كنت بحب البلد دى اوى وكنت ماشى فى حالبى وبحب الريس على اعتبار ان هو اللى حارب فى 73 بقى وكنت احب اسمع اختارناه

والعزبى لما كان بيقول لا مغدنى ولا معشينى ولا فى مصلحة بينه وبينى

والشغل دا كله

كنت معتقد ان الحكومة لازم تبقى صح وما بتغلطش

لغاية ما بدات اقرا وافهم

فهمت يعنى ايه نظام ديكتاتور

فهمت يعنى ايه نظام غبى واهبل

كل ما واحد يقول له لا يروح راميه فى المعتقل

مع ان اللى شفته ان اللى بيدخل المعتقل قلبه بيجمد عن الاول او بمعنى اصح بيستبيع

بلدى ... عروسة وبهية ... غنية وجميلة ... وفيها سياحة ... وصناعه وتجارة ... وتعليم زباله ... وهدم الشوارع ... وحرق البيوت ... وغلوا الحديد ... ورفعوا السولار ... ويوم ما نلقى سكر ... بيبقى سعره نار ... وشايف فى زاوية ... شبابك دى واقفة ... تشوف اللى رابح ... تعاكس اللى جاى ... واخر المتمة ... يقولوا البلد دى ... لازمها طوارئ ... لاجل الحياة

معلش سرحت شوية منكم ... هنا بقى فى المعتقل قابلت مين ؟!!!!

تعالوا نشوف سوا

الشخصية الاولى

يدعى س.ج سنة يتجاوز الستون ذو شعر ابيض كثيف وغير مرتب ... نحيل الجسم ... لا يحتوى على اى لحم او عضلات بجسمه فقط عظام وجلد

كل حديثه عن الطبقة العاملة والثورات العمالية فى العالم ودائما مايدخل مصطلحات غير مفهومة فى كلامه الذى لا افهمه غالبا

وبينما نتحدث يدعونى الى الطعام الذى اشك فى الاغلب انه فول وطعميه ولكنى اجد من الارز بالجمبرى والاسما كميات خرافيه

ينظر الى مبتسما وهو يقول الرفاق بره باعتين لى الاكل دا

اساله : هو المعتقل مابيجيبش اكل؟؟؟

يرد : اكل ايه يا عم ... انت عاوزنى اكل زى باقى الناس!!!!!



الشخصية الثانية

قيادى فى احدى الحركات الاسلامية المحظورة من قبل النظام

يدعونى الى زنزانته للتعارف

ادخل زنزانته وكاننى انتقلت من المعتقل الصحراوى الى احدى المنتجعات السياحية بباريس

التكييف الذى يعمل على تلطيف الجو

سرير حريرى ووسادة ريش نعام

طاقم انتريه مدهب سعره يكفى لحل ازمة نحو عشرون شاب من حديثى التخرج

ثلاجة صغيره بها ما لذ وطاب من العصائر والمشروبات

جهاز الكمبيوتر المحمول

تليفزيون

يبدا حديثة بالاستدلال بايات القران والاحاديث ويكلمنى عن ضرورة اتباع منهج الله وسنة نبيه

انظر حولى فى استغراب ... كيف اتت تلك الاشياء الى هنا ... يخرج هذا التساؤل منى دون ان ادرى

ينظر الى بابتسامة عريضة قائلا:- الفلوس بتعمل كل حاجة !!!!


الشخصية الثالثة

هو احد افراد حزب نشا قبل قيام الثورة او الانقلاب العسكر بنحو ثلاثون عاما او يزيد قليلا

يرتدى بدلة كاملة بيضاء اللون ابتداء من الحزاء وحتى الجرافت

نتمشى سويا فى الساحة امام الزنازين ... يتحدث عن الثورة وكيف قامت بتغيير رئيس الوزراء ... واعادت الزملاء من المنفى ... يطالب دوما بالحرية من اجل كل شئ ولكل شئ

اقول له بس الحرية لها حدود

يصرخ لا

الحرية مطلقة

ويدور بيننا جدل حول مفهوم الحرية


اكتفى اليوم من مقابلة الشخصيات فقد نلت كفايتى

وفى قرارة نفسى شئ واحد

سحقا للنخبوية الفاشلة والمعارضة الزائفة

ليست هناك تعليقات: